الزلازل والبراكين

إن جوف الأرض حار بطبيعته فإذا حفر الإنسان وجد الحرارة تزداد وهكذا كلما نزل الى أسفل حتى اذا وصل عمق بعيد ألقى حرارة كافية لتبخير الماء بسرعة مدهشة فإن صادف هذا البخار أرضا سهلة تصاعد من مسامها بدون أن تحدث براكين ولا تفجر وإن صادف جبالا فلا يسعه إلا أن يخترق تلك الصخور العظيمة القاسية ويتخذ معه ما يجده في سبيله من طبقات الأرض كالحديد والكبريت والنحاس والقصدير ونحوها ويقذفه للناس ينتفعون به وهذا مشاهد كثيرا في الجبال التي على شواطئ البحار والمحيطات أو القريبة منها كشواطئ آسيا الشرقية وأمريكا الغربية وجزر اليابان وجزيرة اسلنده وكثير من بلاد أوربا .
من المعلوم أن الأرض طبقات بعضها فوق بعض وكلها تسمح للمياه بأن تتتخللها فتدخل فيها فتبخرها الحرارة والبخار من طبعه يتصاعد لكن الجبال تمنعه فيتراكم تحتها ويتزايد وهو شديد خصوصا عند ما يمتزج مع ما يقابله مما في جوف الرض فيحدث الانفجار في باطنها على أثر تراكم تلك الأبخرة المائية بدرجة تمدد عظيمة فينشأ عنه انكماش الطبقة السطحية وتتدحرج الصخور التي في باطنها بعضها على بعض فيحدث من انفصال أجزاء الجبل بعضها من بعض تمزق ورجة عظيمة واضطراب لسطح الأرض يشعر به غالب العالم لأن القارات يتصل بعضها ببعض وكذا الجزائر بواسطة سلاسل عظيمة تخترق البحار والمحيطات .
وهذا الاهتزاز هو الزلزال الذي ينشأ غالبا من البراكين وقد لا ينشأ من ذلك كجهات الألب وكما تحدث الزلازل برا تحدث بحرا ويحصل لمائه مد فيغرق البلدان ويدمرها وتعلو أمواجه نحو خمسين مترا فيحدث ما تقشعر له الأبدان ولا يخف سمعه على الآذان وبالجملة أن سبب اشتعال البراكين نفوذ الماء الذي على سطح الأرض الى المواد التي في جوف الأرض فيولد مقدارا من البخار فيدفع ما يكون أمامه بقوة غريبة وبعض هذه البراكين هائج أبدا كبركان استرمبولى الذي يبلغ ارتفاعه 2175 قدما وبعضها يهيج أحيانا وأحيانا يسكن كبركان فيزوف بالقرب من نابولى وفي العالم ستمائة وإثنان وسبعون جبلا ناريا تتولد منها البراكين وتنشأ لأجلها الزلازل التي يخوف الله بها عباده في مشارق الرض ومغاربها . 
اعلان
اعلان
اعلان